يتخلف عنه حصول السبب مع الفارق في الاعتبار فيهما ، فإن الأول سبب تكويني ، والثاني سبب تشريعي ، وإلا فالترتب في كليهما حاصل بلا تخلف .
ومن هذه الزاوية تتبين المغالطة التي فرضها المستدل ، فإنه اعتبر المسبب المترتب على صدور الذنب نفس العقوبة ، لذلك توقف من قبول الأخذ بفكرة الدعاء لأن السبب ، وهو الذنب إذا حصل ، فمعناه حصول العقاب إذاً فما تأثير الدعاء في البين ؟ .
ولكن بما بيناه اتضح أن المسبب على صدور الذنب هو استحقاق العقاب لا نفس العقاب ، فإن المكلف إذا أذنب كان جزاؤه ما رتب على ذلك الذنب من عقوبة . أما نفس العقوبة الفعلية فتتأخر عن مرحلة الاستحقاق ، وبين هاتين المرحلتين : الاستحقاق ، والتحقق يأخذ الدعاء مكانه ، فيسلك الداعي المذنب طريق العاطفة ، فيتضرع الى من بيده الحل ، والعقد ان يوقف تأثير الاستحقاق ، ويهيء المانع من تأثيره والمانع هو إرادته تعالى بالعفو عنه ، فهو إذاً بدعائه يطرق باباً لعله بتضرعه يفتح له فيصل منه الى غايته .
وفي الوقت نفسه : الداعي بهذا الطريق الذي يسلكه لا يتخطى ما رسمه الله له ، من الخط الذي اذا سار عليه وصل الى هدفه المنشود .
فهو تعالى علمه الدعاء ، بل وأمره به ، وبعد كل ذلك ضمن له الاجابة . جرى كل ذلك عبر الآيات الكريمة ، والأخبار الشريفة ، والتي صرحت بأن الله يحب عبده الملحاح في دعائه .
وقد تحدى سبحانه بأن
يتعرض العبد فهل يجد من هو أرحم منه