وبهذه الفقرة نرى الدعاء يوجه الداعي الى الاعتراف بالتقصير دائماً إزاء حقوق الله ، وواجباته . فعن الامام موسى بن جعفر « عليه السلام » وهو ينصح بعض ولده قائلاً :
« يا بني عليك بالجد لا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله عز وجل ، وطاعته فإن الله لا يعبد حق عبادته » (١) .
ويريد الإِمام « عليه السلام » أن يقول لولده : بأن الشعور بالتقصير يجعل الإِنسان منشدّاً دائماً الى خالقه لا يغفل ، ولا يتوانى عن أداء واجباته ، وترك ما نهي عنه ، وبهذا تكون نفسه في دوامة من العمل نحو تكميل ما تجد لديها من نقص ، ومثل هذا الشخص يكون الاداة الصالحة لبناء مجتمع خيرٍ بعيداً عن الغرور والإِجرام ، يأمن منه كل أحد ، ويسلم منه الناس ، وهذه إحدى العلامات التي تميز الفرد المسلم عن غيره ، فالمسلم من سلم الناس من يده ولسانه .
وبعد التقصير يأتي الاعتراف من الداعي : بالإِسراف على نفسه ، وعدم التورع عن محارم الله ، بل السير حثيثاً في هذا المنطلق حتى رأى من نفسه التجاوز ، وعدم الإِعتدال ، ولذلك جاء ربه ، وقد عرف خطأه وبعد الاعتراف بالاسراف يأتي دور الإِعتذار كنتيجة طبيعية فيردد الداعي : الهي ، وقد أتيتك :
« معتذراً » .
واذا كان الشاعر يقول : « والعذر عند كرام الناس مقبول » .
فكيف بالرب الكريم العطوف على عباده ، فهل يتركهم
__________________
(١) أصول الكافي : باب الاعتراف بالتقصير من كتاب الايمان والكفر حديث (١) .