الداعي من مطلوبه . ولقد وردت أخبار كثيرة تصرح بإن الغنى لبعض الأشخاص يكون سبباً في بطره ، وكفره ، وهكذا طلب الولد ، فإنه قد يكون نقمة عليه لذلك يكون الفقر هو الأصلح له ، وكذلك حرمان الداعي من الولد هو الأولى لأنه لو حصل فسيكون وبالاً عليه . وعلى نطاق أوسع فقد تختلف الرغبات من الأشخاص : فالبعض يتجه الى الله متضرعاً يريد المطر ، بينما يكون دعاء آخر بعدم نزوله ، ولكل رغبته ومآربه فهنا اذاً استجاب الله لكليهما ، فمعناه الجمع بين النقيضين ، وان تركهما معاً فمعناه جفاه لكل منهما . وإن استجاب لأحدهما دون الآخر ، فمعنى ذلك الترجيح بلا مرجح ، وحينئذٍ ترسو النتيجة على وجود المرجح ليقدم طلب أحد هذين . والمرجح هو المصلحة ، وعدم المفسدة ، ولا بد في هذه الصورة من تلبية من تكون المصلحة في طلبه ، وأما من يكون طلبه فيه مفسدة ، فسيحرم من الإِجابة ، وبحرمانه يقال : كيف وصل الأمر الى عدم الاجابة ؟ وقد قال تعالى :
( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) .
والمفروض أن من حرم الإِجابة قد قام من جهته بما أمر به الله من الدعاء فلماذا حرم الإِجابة ؟ .
ويتناول القرآن هذه الناحية فيوجه الأمة الى لزوم التسليم لأمر الله تعالى لأنه الأبصر بمصالح العبد ، وهو الأعرف بما ينفعهم يقول تعالى :
( وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (١) .
__________________
(١) سورة البقرة : آية (٢١٦) .