والإِنسان لا يدري اين يكون الخير ليتبعه ، واين يكون الشر فيتجنبه ، بل هو ، وبوحي من رغبته ، وتجاربه يكون فكرة عن الشيء فيظن من وراء طلب ذلك الخير ، فيقدم على طلبه ، أو من ورائه الشر ، فيحجم عنه ، وفي كلا الحالين لا يقطع بما سيترتب على ما أراد .
ولكن الله هو العالم ، وهو المطلع على الغيب ، ومن يدري فلعل ما أراده يكمن فيه الشر ، أو ما تركه ، أو أحجم عن طلبه فيه كل الخير ، إذاً فوراء كل ذلك القدرة الإِلۤهية فما على الإِنسان إلا أن يسلم أمره الى الله تعالى .
فمن العبد : الدعاء ، والطلب .
ومن الله : ما وراء ذلك من تمحيص دعوة الداعي من الخير ، او الشر . وتبدو هذه السلوكية الرفيعة في الدعاء ، والتسليم الى المولى في كل ما يقدره على العبد واضحة في مناجاة الإِمام ( عليه السلام ) : « اللهم ان عفوك عن ذنبي ، وتجاوزك عن خطيئتي ، وصفحك عن ظلمي ، وسترك على قبيح عملي ، وحلمك عن كثير جرمي عندما كان من خطأي وعمدي ، أطمعني في أن أسئلك ما لا أستوجبه منك الذي رزقتني من رحمتك ، وأريتني من قدرتك ، وعرفتني من إجابتك ، فصرت أدعوك آمناً ، وأسئلك مستأنساً ، لا خائفاً ولا وجلاً ، مدلاً عليك ، ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور » (١) .
__________________
(١) مقطع من دعاء الافتتاح الذي يدعى به في كل ليلة من ليالي شهر رمضان .