الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فدخلت به يوماً على النبي ـ وأنا أحمل الحسين ـ (١) فوضعته في حجره ، ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله تهرقان بالدموع ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما لك؟! قال : أتاني جبرئيل فأخبرني ان طائفة من أمتي ستقتل ابني هذا. وقلت : هذا؟ قال : نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء » (٢) الخ.
وروى سماك ، عن ابن مخارق ، عن ام سلمة رضي الله عنها قالت : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم جالس والحسين جالس في حجره إذ هملت عيناه بالدموع ، فقلت له : يا رسول الله ، مالي أراك تبكي ، جعلت فداك؟! فقال : « جاءني جبرئيل فعزاني بابني الحسين وأخبرني أن طائفة من أمتي تقتله ، لاأنالهم الله شفاعتي » (٣).
وروى باسناد آخر عن أم سلمة أنها قالت : خرج رسول الله وهو اشعث أغبر ويده مضمومة ، فقلت له : يا رسول الله ، مالي أراك شعثاً مغبراً؟ فقال : أسري بي في هذا الوقت الى موضع من العراق يقال له : كربلاء ، فأريت فيه مصرع الحسين ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي ، فلم أزل ألقط دماءهم فها هي في يدي وبسطها الي فقال : خذيها واحتفظي بها ، فاخذتها فاذا هي شبه تراب أحمر ، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت بها ، فلما خرج الحسين من مكة متوجهاً نحو العراق كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة فأشمها وأنظر اليها ثم أبكي لمصابه ، فلما كان اليوم العاشر من محرم ـ وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين ـ أخرجتها في أول النهار وهي بحالها ثم عدت اليها آخر النهار ، فاذا هي دم عبيط فضججت في بيتي وبكيت ، وكظمت غيظي مخافة أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيسرعوا بالشماتة ، فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاء الناعي بنعيه
__________________
(١) ليس في المصدر.
(٢) ارشاد الشيخ المفيد ٢ : ١٢٩ ، وينابيع المودة ٢ : ٣١٨ عن البيهقي.
(٣) ارشاد المفيد ٢ : ١٣٠.