والتحقيق في النظر القاصر : أنّ العلم الإجمالي بغصبية إحدى الشجرتين لا يوجب ضمان إحداهما اذا تلفت ، ولا ينجّز الحكم بتداركها فضلاً عن منافعها المتجدّدة ، بمعنى أنّ ذا الثمرة لا يكون ضمانه منجّزاً بالعلم الإجمالي المزبور ، فكيف بمنافعه؟! ولا يفرق في هذا المدّعى بين سائر المسالك المعروفة في الضمان.
توضيح ذلك : أنّ الضمان تارةً يقال بأنّه عبارة عن اشتغال الذمّة بالمثل أو القيمة على تقدير التلف ، فهو اشتغال مشروط بالتلف ، كما لعلّه المشهور.
واخرى يقال : إنّه عبارة عن دخول الشيء في عهدة الضامن بالمقدار الممكن أداؤه منه ، فما دامت العين قائمةً يكون متعلّق العهدة هو العين بخصوصيّاتها الشخصية ، وإذا تعذّرت سقطت الخصوصيات الشخصية من العهدة ، وبقي متعلّقها مطلقاً من ناحية الخصوصيات الشخصية وإن كان مقيّداً بالخصوصيات النوعية والصنفية ، وهو المعبَّر عنه بضمان المثل ، ومع تعذّر هذه الخصوصيات أيضاً تسقط من العهدة ، وتبقى المالية لا بشرط.
وثالثةً يقال : إنّ الضمان بمعنى كون العين الشخصية بخصوصياتها في العهدة ، من دون أن يسقط شيء منها بتعذّر أوصاف الشخص أو النوع ، وإنّما يختلف أثرها التكليفي ، فإنّ أثرها مع التمكّن من أوصاف الشخص وجوب ردّ نفس العين ، ومع تلفها وجوب ردّ المثل في المثليات ، والقيمي في القيميات.
فعلى الأول يكون موضوع الضمان ـ الذي هو بمعنى اشتغال الذمّة ـ مركّب من وضع اليد على العين المغصوبة وتلفها ، إذ المفروض أنّه عبارة عن الاشتغال المشروط بالتلف ، وهذا الموضوع المركّب غير محرزٍ ولو إجمالاً ، بل العلم الإجمالي تعلّق بجزء الموضوع ، وهو وضع اليد على عينٍ مغصوبة ، وأمّا تلفها فليس محرزاً أصلاً.