أبناءنا توفوا وهم لنا قربة ، وكذلك آباؤنا يشفعون لنا ويزكوننا ، لكرامتهم على الله ، والتّزكية : التطهير والتبرية من الذنب.
وقد ردّ الله دعواهم بأنه لا قيمة لتزكيتهم أنفسهم ، فإن التزكية تكون بالعمل الصالح ، لا بالادّعاء ، والله هو الذي يزكي من يشاء من عباده بتوفيقه للعمل الصالح ، وهدايته إلى العقيدة الصحيحة ، والآداب الفاضلة.
ولا ينقص الله المزكين أنفسهم شيئا من جزاء عملهم.
ثم أكّد الله تعالى التعجب من حالهم بقوله : (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) أي انظر كيف يكذبون على الله بتزكيتهم أنفسهم ، وزعمهم أن لهم امتيازا على غيرهم.
وكفى بهذا الكذب والافتراء والتزكية للنفس إثما ظاهرا ، فالله لا يخصّ شعبا بمعاملة خاصة أو امتياز ، وكل ذلك غرور وأمنيات مزعومة ، وجهل فاضح.
وانظر أيضا حال بعض أهل الكتاب الذين يجاملون المشركين ، ويؤمنون بالأصنام والأوثان ، وينصرون المشركين على المؤمنين بأنبيائهم وكتبهم ، ويقولون : إن المشركين أرشد طريقة في الدّين من المؤمنين الذين صدقوا برسالة محمد صلىاللهعليهوسلم ، فهم حرموا هداية العقل والفطرة ، وهدموا أساس دينهم ، وتجاوزوا الحقّ ، وأعلنوا الظلم ، حينما نصروا الشرك والوثنية وتكذيب الله ورسوله على مبدأ التدين الصحيح والتصديق بالإله الحق.
وعاقبتهم أنهم مطرودون من رحمة الله وفضله ، ومن يبعده الله من رحمته فلن يجد له نصيرا ينصره أبدا.
ثم وبّخهم الله على البخل والطمع في الملك آخر الزمان ، فذكر أنه لا حظ لهم من الملك ، لظلمهم وطغيانهم وبخلهم ، وحبّهم أنفسهم دون غيرهم ، فهم مطبوعون