يخاصمه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما رأى المنافق ذلك ، أتى معه إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فاختصما إليه ، فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم لليهودي ، فلما خرجا من عنده ، لزمه المنافق ، وقال : ننطلق إلى عمر بن الخطاب.
فأقبلا إلى عمر ، فقال اليهودي : اختصمنا أنا وهذا إلى محمد ، فقضى عليه ، فلم يرض بقضائه ، وزعم أنه مخاصم إليك ، وتعلق بي ، فجئت إليك معه ، فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ قال : نعم ، فقال لهما : رويدا حتى أخرج إليكما ، فدخل عمر وأخذ السيف فاشتمل عليه ، ثم خرج إليهما ، وضرب به المنافق حتى برد (مات) وقال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله ، وهرب اليهودي ، ونزلت هذه الآية ، وقال جبريل عليهالسلام : إن عمر فرق بين الحق والباطل ، فسمي الفاروق (١).
والخلاصة : اختار الطبري أن يكون نزول الآية في المنافق واليهودي.
المناسبة :
بعد الأمر الإلهي السابق بطاعة الله وطاعة الرسول وأولي الأمر ، كشف الله عن موقف المنافقين الذين لا يطيعون الرسول ، ولا يرضون بحكمه ، بل يريدون حكم غيره كالكاهن أبي برزة الأسلمي أو الطاغية كعب بن الأشرف.
التفسير والبيان :
هذا إنكار من الله عزوجل على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين ، وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ، كما ذكر في سبب النزول. والآية أعم من ذلك كله ، فإنها ذامّة لمن عدل عن الكتاب والسنة ، وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت هنا.
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ص ٩٣ ، تفسير القرطبي : ٥ / ٢٦٤