وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله : (فَلا وَرَبِّكَ) الآية ، قالت : أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلتعة ، اختصما في ماء ، فقضى النبيصلىاللهعليهوسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل.
المناسبة :
كانت الآيات السابقة تنديدا بموقف المنافقين الذين أعرضوا عن التحاكم إلى الرسول وآثروا عليه التحاكم إلى الطاغوت ، وهنا أراد الله تعالى تقرير مبدأ عام وهو فرضية طاعة الرسول بل وكل رسول مرسل.
التفسير والبيان :
وما أرسلنا من رسول إلا وقد فرضنا طاعته على من أرسله إليهم ، وتلك الطاعة مفروضة بأمر الله وإذنه ، وعليهم أن يتبعوه ؛ لأنه مؤد عن الله ، فطاعته طاعة الله ، ومعصيته معصية الله ، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ، ومن يعص الرسول فقد عصى الله.
والمراد بقوله : (بِإِذْنِ اللهِ) أي بسبب إذن الله في طاعته ، ويجوز أن يراد : بتيسير الله وتوفيقه في طاعته ، قال مجاهد : أي لا يطيع أحد إلا بإذني ، والمراد لا يطيعه إلا من وفقته لذلك ، كقوله : (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) [آل عمران ٣ / ١٥٢] أي عن أمره وقدره ومشيئته وتسليطه إياكم عليهم.
ثم يرشد الله تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فيستغفروا الله عنده ، ويسألوه أن يستغفر لهم ، فإنهم إن فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم ، ولهذا قال : (لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) أي لعلموه توابا ، أي لتاب عليهم.