(أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) أي في أي مكان كنتم يلحقكم الموت. (بُرُوجٍ) جمع برج وهو القصر أو الحصن. (مُشَيَّدَةٍ) عالية مرتفعة ، وقيل : مطليّة بالشّيد : وهو الجصّ (الجبس) وقد يراد بالبروج المشيدة : القلاع أو الحصون المتينة التي يحتمي فيها الجند من العدو. (حَسَنَةٌ) شيء حسن عند صاحبه كالخصب والسعة والظفر بالغنيمة. (سَيِّئَةٌ) ما تسوء صاحبها كالشدة والبلاء والجدب والهزيمة والجرح والقتل.
(يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) يفهمون كلاما يلقى إليهم ، أي لا يقاربون أن يفهموا ، ونفي مقاربة الفعل أشدّ من نفيه.
سبب النزول :
نزول الآية (٧٧):
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ) : أخرج النسائي والحاكم عن ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النّبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : يا نبي الله ، كنا في عز ، ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة؟ قال : إني أمرت بالعفو ، فلا تقاتلوا القوم ، فلما حوّله الله إلى المدينة ، أمره بالقتال ، فكفّوا ، فأنزل الله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ). قال الحسن البصري : هي في المؤمنين ، وقال مجاهد : هي في اليهود ، وقيل : هي في المنافقين ، والمعنى : يخشون القتل من المشركين كما يخشون الموت من الله.
وأما قوله تعالى : (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ) الآية [٧٨] فروي عن ابن عباس أنه قال : لما استشهد الله من المسلمين من استشهد يوم أحد ، قال المنافقون الذين تخلّفوا عن الجهاد: لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
المناسبة :
بعد أن أمر الله بالاستعداد للقتال وأخذ الحذر ، وذكر حال المبطئين ، وأمر بالقتال في سبيله ومن أجل إنقاذ الضعفاء ، ذكر هنا حال جماعة كانوا يريدون