الطاعة وإضمارهم خلافها ، قال : (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ ..).
التفسير والبيان :
يأمر الله تعالى عبده ورسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم بأن يباشر القتال بنفسه ، وأما من نكل عنه فليتركه.
فقاتل يا محمد في سبيل الله إن أفردوك وتركوك وحدك إن أردت الظفر على الأعداء ، لا تكلف غير نفسك وحدها أن تقدمها إلى الجهاد ، فإن الله هو ناصرك ، لا الجنود ، فإن شاء نصرك وحدك ، كما ينصرك وحولك الألوف.
أما غيرك الذين يقولون : لم كتبت علينا القتال ، ويبيتون غير ما يعلنون أمامك من الطاعة ، فاتركهم وشأنهم ، والله مجازيهم على أعمالهم.
وما عليك في شأنهم إلا التحريض على القتال فحسب ، لا التعنيف بهم ، عسى الله ـ هنا بمعنى الخبر والوعد ووعد الله لا يخلف ـ أن يرد عنك بأس أي شدة وقوة الذين كفروا وهم قريش ، والله أشد بأسا ـ قوة ـ من قريش ، وأشد تنكيلا : تعذيبا ومعاقبة وهو قادر عليهم في الدنيا والآخرة لكفرهم وجرأتهم على الحق.
وقد تحقق هذا الوعد الإلهي ، فكفّ بأس الكافرين ، وذلك أن أبا سفيان بعد موقعة أحد كان قد طلب اللقاء في بدر في العام المقبل ، فأجابه النبي صلىاللهعليهوسلم إلى مطلبه ، فحينما حل موعد بدر الصغرى في السنة الثالثة لغزوة أحد ، صمم النبي صلىاللهعليهوسلم على الخروج ، وقال : «والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي» فخرج ومعه سبعون فقط ، وتحقق لهم النصر ؛ لأن أبا سفيان بدا له وقال : هذا عام مجدب ، وما كان معهم زاد إلا السويق ، ولا يلقون إلا في عام مخصب ، فرجع من الطريق ، وصرفه الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم.