فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآية في الغاية القصوى من التحريض على القتال وخوض المعارك ، فلا يكلف إلا النبي وحده إذا امتنع المسلمون عن مشاركته في الجهاد ، والمعنى لا تدع جهاد العدو والاستنصار عليهم للمستضعفين من المؤمنين ، ولو وحدك ؛ لأنه وعده بالنصر. قال الزجاج : أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم بالجهاد وإن قاتل وحده ؛ لأنه قد ضمن له النصرة.
وهي تدل على أنه صلىاللهعليهوسلم أمر بقتال المشركين الذين قاوموا دعوته بقوتهم وإن كان وحده ، كما أنها تدل على اتصاف النبي صلىاللهعليهوسلم بشجاعة لا نظير لها ، وقد ثبت وحده في أحد وحنين وكان الأبطال يتقون به ، قال علي كرم الله وجهه : «كنا إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه».
واشتملت الآية على حض المؤمنين على الجهاد والقتال ، ودلت على وعد من الله بنصر النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتحقق هذا الوعد ، كما أوضحت ، ولا يلزم وجوده على الاستمرار والدوام ، فمتى وجد ولو لحظة مثلا ، فقد صدق الوعد ، فكف الله بأس المشركين ببدر الصغرى ، وأخلفوا ما كانوا عاهدوه من الحرب والقتال : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) [الأحزاب ٣٣ / ٢٥]. وكذلك انتصر المؤمنون على المشركين في الحديبية أيضا عما راموه من الغدر وانتهاز الفرصة ، ففطن بهم المسلمون ، فخرجوا فأخذوهم أسرى ، وكان ذلك والسفراء يمشون بينهم في الصلح ، وهو المراد بقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) [الفتح ٤٨ / ٢٤].
وألقى الله الرعب في قلوب الأحزاب يوم الخندق ، وانصرفوا من غير قتل ولا قتال ، كما قال تعالى : (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) [الأحزاب ٣٣ / ٢٥].
وخرج اليهود من ديارهم وأموالهم بغير قتال المؤمنين لهم. وقبل كثير من