ويهاجروا إلى المدينة ويتعاونوا بصدق معكم في قضاياكم ، فهذا دليل الصدق في الإيمان.
فإن أعرضوا عن الإيمان الظاهر بالهجرة في سبيل الله ، ولزموا أماكنهم خارج المدينة ، فخذوهم واقتلوهم أنى وجدتموهم في أي مكان وزمان ، في الحل أو في الحرم ، ولا توالوهم أو تولوهم شيئا من مهام أموركم ، ولا تستنصروا بهم على أعداء الله ما داموا كذلك.
ثم استثنى الله من هؤلاء أحد صنفين :
الأول :
الذين يتصلون بقوم معاهدين للمسلمين ويلجأون إلى أهل عهدكم بمهادنة أو عقد ذمة ، فينضمون إليهم في عهدهم ، فاجعلوا حكمهم كحكم المعاهدين. وهذا موافق لما جاء في صلح الحديبية في صحيح البخاري : «من أحب أن يدخل في صلح قريش وعهدهم ، دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في صلح محمد وأصحابه وعهدهم ، دخل فيه». قال أبو بكر الرازي : إذا عقد الإمام عهدا بينه وبين قوم من الكفار ، فلا محالة يدخل فيه من كان في حيزهم ممن ينسب إليهم بالرحم أو الحلف أو الولاء ، بعد أن يكون في حيزهم ومن أهل نصرتهم ؛ وأما من كان من قوم آخرين فإنه لا يدخل في العهد ما لم يشرط ، ومن شرط من أهل قبيلة أخرى دخوله في عهد المعاهدين ، فهو داخل فيهم إذا عقد العهد على ذلك ، كما دخلت بنو كنانة في عهد قريش (١).
الثاني :
المحايدين : الذين جاءوكم وقد ضاقت صدورهم بقتالكم وأبغضوا أن
__________________
(١) أحكام القرآن : ١ / ٢٢٠