القاعدين من غير عذر ، ذكر هنا حال قوم لم يهاجروا في سبيل الله ، لاستضعاف الكفار لهم ، مع أنهم ليسوا ضعفاء في الحق والواقع ، فلا عذر لهم في ترك واجب الهجرة من مكة إلى المدينة حينما كان واجبا في صدر الإسلام ، بسبب شدة أذى الكفار للمسلمين ، وإلجائهم إلى الهجرة إلى الحبشة ، ثم الهجرة إلى المدينة مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، فهاجر بعض المسلمين ، وقعد بعضهم في مكة حبا لوطنه ، وكان بعضهم مستضعفا عجز عن الهجرة لمرض أو كبر أو جهل بالطريق ، وبعضهم هاجر ومات في الطريق.
التفسير والبيان :
إن الذين تتوفاهم الملائكة حين انتهاء آجالهم حالة كونهم ظالمي أنفسهم بترك الهجرة ، ورضاهم الإقامة في دار الشرك ، تقول لهم (أي للمتوفين) الملائكة توبيخا لهم وتقريعا : في أي شيء كنتم من أمر دينكم؟ أي إنهم لم يكونوا في شيء منه ، لقدرتهم على الهجرة ولم يهاجروا.
وهؤلاء كانوا ناسا من أهل مكة أسلموا ولم يهاجروا حين كانت الهجرة فريضة.
فقالوا معتذرين عما وبخوا به بغير العذر الحقيقي : كنا مستضعفين ومستذلين في مكة ، فلم نقدر على إقامة الدين وواجباته ، وهذه حجة واهية لم تقبلها الملائكة ، فردوا عليهم المعذرة قائلين:
ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ المراد أنكم كنتم قادرين على الخروج من مكة إلى بعض البلاد التي لا تمنعون فيها من إظهار دينكم ، ومن الهجرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما فعل المهاجرون إلى أرض الحبشة.
وهذا دليل على أن الرجل إذا كان في بلد لا يتمكن فيه من إقامة شعائر