لهم. والصنف الثاني ـ وهم جماعة المنافقين الذين بقوا متظاهرين بالإسلام وتعاطفوا مع الكفار ، وهؤلاء لهم عذاب مؤلم في نار جهنم.
التفسير والبيان :
إن هؤلاء الذين أعلنوا إيمانهم ، ثم عادوا إلى الكفر ، ثم آمنوا ثم كفروا ، ثم تغالوا وتمادوا في الكفر ، ثم ماتوا على كفرهم ، فلا مغفرة لهم ، ولن يهتدوا إلى الخير. أي إن الذين تكرر منهم الارتداد ، وعهد منهم ازدياد الكفر والإصرار عليه ، وفقدوا الاستعداد لفهم حقيقة الإيمان ، ولم يحاولوا الثبات على الهداية ، لن يظفروا أبدا بمغفرة الله ورحمته وإحسانه ورضوانه ، ولن يهتدوا بعد هذا التردد إلى الجنة وما فيها من خير وفلاح وسعادة ، إذ لم تحدث منهم توبة في حال الحياة ، وظلوا على كفرهم وطغيانهم ومعاداتهم للإسلام حتى الموت.
بشر أي أنذر يا محمد المنافقين من هؤلاء وغيرهم الذين كانوا يميلون مع الكفرة ويوالونهم بالعذاب المؤلم الذي لا يعرف قدره في نار جهنم.
ومن صفاتهم أنهم كانوا يتخذون الكافرين أولياء وأنصارا وأعوانا ، ويتجاوزون ولاية المؤمنين ويتركونها ، ظنا منهم أن الغلبة ستكون للكافرين ، ولم يدروا أن العاقبة للمتقين ؛ لأن الله معهم.
ثم أنكر الله عليهم ووبخهم فذكر أنهم إن كانوا بذلك يطلبون العزة أي القوة والمنعة عند هؤلاء ، فقد أخطئوا ؛ لأن العزة لله في الدنيا والآخرة ، وهو يؤتيها من يشاء ، والمراد أن العزة تكون في النهاية لأولياء الله الذين كتب لهم العز والغلبة على اليهود وغيرهم ، وقال : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون ٦٣ / ٨] قال ابن عباس : (يَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ) يريد بني قينقاع ، فإن ابن أبيّ كان يواليهم.