٩ ـ قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ذكر ابن العربي وتابعه القرطبي (١) في تأويله خمسة أوجه :
منها : أن الله سبحانه لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا منه إلا أن تتواصوا بالباطل ، ولا تتناهوا عن المنكر ، وتتقاعدوا عن التوبة ، فيكون تسليط العدوّ من قبلكم. قال ابن العربي : وهذا نفيس جدا.
ومنها : أن المراد بالسبيل الحجة. ومنها : أن هذا يوم القيامة وقد رجحه الطبري ، وضعفه ابن العربي لعدم فائدة الخبر فيه.
ومنها ـ الذي رجحته وهو أن الله لا يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا يمحو به دولة المؤمنين ، ويذهب آثارهم ، ويستبيح بيضتهم ، كما جاء في صحيح مسلم عن ثوبان عن النبيصلىاللهعليهوسلم قال «... ودعوت ربي ألّا يسلّط عليهم عدوا من سوى أنفسهم ، فيستبيح بيضتهم» أي ساحتهم.
قال الجصاص في قوله : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) : ويحتج بظاهره في وقوع الفرقة بين الزوجين بردة الزوج ؛ لأن عقد النكاح يثبت عليها للزوج سبيلا في إمساكها في بيته ، وتأديبها ، ومنعها من الخروج ، وعليها طاعته فيما يقتضيه عقد النكاح ، كما قال تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) فاقتضى قوله تعالى : (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ ...) وقوع الفرقة بردة الزوج ، وزوال سبيله عليها ؛ لأنه ما دام النكاح باقيا ، فحقوقه ثابتة ، وسبيله باق عليها (٢).
__________________
(١) المرجع السابق ، أحكام القرآن لابن العربي : ١ / ٥٠٩ وما بعدها.
(٢) أحكام القرآن : ١ / ٢٩٠