تنهى عن تمني ما خص الله به كلا من الجنسين ؛ لأنه سبب للحسد والبغضاء.
التفسير والبيان :
ينهى الله المؤمنين عن التحاسد وعن تمني ما فضل الله به بعض الناس على بعض من الجاه والمال ؛ لأن ذلك التفضيل قسمة من الله صادرة عن حكمة وتدبير وعلم بأحوال العباد وبما يصلح المقسوم له من بسط في الرزق أو قبض ، قال الله تعالى : (وَلَوْ بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ) [الشورى ٤٢ / ٢٧] فعلى كل أحد أن يرضى بما قسم له ، علما بأن ما قسم له هو مصلحته ، ولو كان خلافه لكان مفسدة له ، ولا يجوز له أن يحسد أخاه على حظه.
وظاهر الآية يدل على أنه ليس لأحد أن يتمنى ما هو مختص بالآخر من المال والجاه وكل ما فيه تنافس ، فإن التفاضل قسمة صادرة من حكيم خبير كما قال الله تعالى : (نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ، وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) [الزخرف ٤٢ / ٣٢]. قال ابن عباس : لا يقل أحدكم : ليت ما أعطي فلأن من المال والنعمة والمرأة الحسناء كان عندي ، فإن ذلك يكون حسدا ، ولكن ليقل : اللهم أعطني مثله ، أي أن الحسد ممنوع والغبطة جائزة.
فعلى كل إنسان أن يرضى بما قسم الله له ، ولا يحسد غيره ؛ لأن الحسد أشبه شيء بالاعتراض على من أتقن كل شيء وأحكمه.
وقدر بعضهم محذوفا في الكلام فقال : ولا تتمنوا مثل ما فضل الله به بعضكم على بعض ؛ لأنه ليس المقصود طلب زوال النعمة عن الغير ، وإنما هو طلب نعمة خاصة أن تكون له. وعلى هذا يكون تمني مثل ما للغير منهيا عنه ؛ لأنه قد يكون ذريعة إلى الحسد ، فليس للإنسان أن يقول : اللهم أعطني دارا مثل دار فلان ، ولا ولدا مثل ولده ، بل يقول : اللهم أعطني ما يكون صلاحا لي في ديني ودنياي ومعادي ومعاشي.