والتأويل الأول أولى لقوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يتمنّ أحد مال أخيه ، ولكن ليقل : اللهم ارزقني ، اللهم أعطني مثله».
وفي الجملة : ينهى الله تعالى كل إنسان أن يتمنى ما فضل الله به غيره ، بل الواجب عليه أن يعمل ما في جهده ويجد ويجتهد ، وحينئذ يكون التفاضل بالأعمال الكسبية ، ولكل من الرجال والنساء ثمرة مكاسبهم ، والله تعالى جعل ما قسم لكل من الرجال والنساء على حسب ما عرف من حاله الموجبة للبسط أو القبض كسبا له ، وما كان خاصا بالرجال من الأعمال لهم نصيب من أجره لا يشاركهم فيه النساء ، وما كان خاصا بالنساء لهن نصيب من أجره لا يشاركهن فيه الرجال.
أي أن الثواب على العمل بحسب ما يتناسب مع طبيعة كل من الرجل والمرأة. وقال ابن عباس : المراد بذلك الميراث ، والاكتساب على هذا القول بمعنى الإصابة.
ثم أراد الله تعالى توجيه الأنظار إلى مصدر الفضل والإحسان والإنعام ، فقال : (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) أي أسألوا الله ما شئتم من الإحسان والإنعام ، فإنه تعالى يعطيكموه إن شاء ، وخزائنه ملأى لا تنفد ، فلا تتمنوا نصيب غيركم ، ولا تحسدوا أحدا ، ولا تتمنوا ما فضلنا به بعضكم على بعض ؛ لأن التمني لا يجدي شيئا. روى الترمذي وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سلوا الله من فضله ، فإن الله يجب أن يسأل ، وإن أفضل العبادة انتظار الفرج» وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم يسأل الله يغضب عليه».
ومعنى قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أنه تعالى عليم بمن يستحق الدنيا فيعطيه منها ، وبمن يستحق الفقر فيفقره ، وبمن يستحق الآخرة فيقيّضه