وروى ابن جريج عن عطاء قال : الضرب غير المبرح بالسواك ونحوه. ومثله عن ابن عباس. وقال قتادة : ضربا غير شائن (١).
وإذا تجاوز الرجل المشروع فأدى الضرب إلى الهلاك وجب الضمان ، كما يجب على المعلم الضمان في ضربه غلامه لتعلم القرآن والأدب.
وينبغي ألا يوالي الرّجل الضرب في محل واحد ، وأن يتّقي الوجه ، فإنه مجمع المحاسن ، ولا يضربها بسوط ولا بعصا ، وأن يراعي التخفيف ؛ لأن المقصود هو الزّجر والتأديب لا الإيلام والإيذاء ، كما يفعل بعض الجهلة.
ومع أن الضرب مباح فإن العلماء اتّفقوا على أن تركه أفضل. أخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت الصّدّيق رضياللهعنه قالت : كان الرّجال نهوا عن ضرب النساء ، ثم شكونهنّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فخلى بينهم وبين ضربهنّ ، ثم قال : ولن يضرب خياركم. وقال عمر رضياللهعنه : ولا تجدون أولئكم خياركم. فدلّ الحديث والأثر على أن الأولى ترك الضرب ، بدليل الأمر القرآني بالإحسان في المعاملة : (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) [البقرة ٢ / ٢٢٩] ، ويؤيده حديث آخر : «أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب العبد ، ثم يضاجعها في آخر اليوم؟!».
فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا ، أي إذا تحققت طاعتهنّ حينئذ فلا تطلبوا سبيلا آخر إلى التعدي عليهنّ ولا تتجاوزوا ذلك إلى غيره ، أو فلا تظلموهنّ بطريق آخر فيه تعذيب وإيذاء.
إن الله كان وما يزال عليّا كبيرا ، أي أنه تعالى قاهر كبير قدير ينتصف لهنّ ويستوفي حقهنّ ، فلا تغترّوا بقوّتكم أو علوّكم أو درجتكم. وهذا تهديد للأزواج على
__________________
(١) أحكام القرآن للجصاص : ٢ / ١٨٩