وأمرت الآيات بالإحسان إلى الوالدين والأقارب واليتامى والمساكين والجيران الأقارب والأباعد ، والأصحاب لوقت ما كرفيق الأسفار وجليس المجلس والصلاة ، والمسافرين ، والأرقاء المماليك ، وقد سبق الكلام تفصيلا عنهم.
ونهت الآيات عن التكبر والخيلاء والتفاخر والتعاظم ، والمختال : هو ذو الخيلاء المتكبر ، والفخور : الذي يعدد مناقبه كبرا ، والفخر : البذخ (١) والتطاول. وخص الله تعالى هاتين الصفتين بالذكر هنا ؛ لأنهما تحملان صاحبيهما على الأنفة والترفع من القريب الفقير والجار الفقير وغيرهم ممن ذكر في الآية ، فيضيع أمر الله بالإحسان إليهم.
وذكر الله تعالى صفات المتكبرين المختالين ، ومن أشنعها البخل وأمر الناس بالبخل ، والبخل المذموم في الشرع : هو الامتناع من أداء ما أوجب الله تعالى عليه ، وهو مثل قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) الآية [آل عمران ٣ / ١٨٠].
والمراد بهذه الآية في قول ابن عباس وغيره اليهود ؛ فإنهم جمعوا بين الاختيال والفخر والبخل بالمال وكتمان ما أنزل الله من التوراة من نعت محمد صلىاللهعليهوسلم ، والله لا يحب المختال الفخور أي يعاقبه ، وأكّد ذلك بأنه تعالى أعد له عذابا مهينا. ويرى القرطبي أنه تعالى توعد المؤمنين الباخلين بعدم المحبة ، وتوعد الكافرين عذابا مهينا (٢).
والفريق الثاني من أهل الفخر هم الذين ينفقون أموالهم رياء ، قال الجمهور : نزلت في المنافقين ، لقوله تعالى : (رِئاءَ النَّاسِ) والرئاء من النفاق. ونفقة الرئاء لا تجزئ ، لقوله تعالى : (قُلْ : أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ) [التوبة ٩ / ٥٣].
__________________
(١) البذخ : الكبر.
(٢) تفسير القرطبي : ٥ / ١٩٣