المسجد» ثم دخل ولم يصنع القوم شيئا ، رجاء أن تنزل لهم رخصة ، فخرج إليهم بعد ، وقال : «وجهوا هذه البيوت ، فإني لا أحل المسجد لجنب ولا حائض» ولم يستثن صلىاللهعليهوسلم في آخر عمره إلا خوخة (كوّة أو باب صغير) أبي بكر رضياللهعنه.
ثم نهى الله تعالى فقال : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) أي ولا تقربوا الصلاة حال الجنابة إلا إذا كنتم عابري سبيل أي مجتازي الطريق.
(حَتَّى تَغْتَسِلُوا) أي لا تقربوا الصلاة جنبا إلى أن تغتسلوا ، والغسل : أن يعم الماء جميع الجسد.
ثم ذكر الله تعالى في هذه الآية وآية المائدة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) [المائدة ٥ / ٦] أسبابا أربعة للتيمم وهي : المرض ، والسفر ، والحدث (المجيء إلى الغائط) وملامسة النساء. فإذا توافر أحد هذه الأسباب ، فاقصدوا صعيدا طيبا أي وجها ظاهرا من الأرض ، طاهرا غير نجس ، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه إلى المرافق عند الجمهور ، وإلى الرسغين عند مالك ، ثم صلّوا.
هذه رخصة التيمم لأصحاب الأعذار ، وسبب هذا الترخيص والتيسير هو أن الله عفوّ غفور ، أي ذو عفو ومغفرة أي ستر للذنوب ، أي لم يزل كائنا يقبل العفو وهو السهل ، ويغفر الذنب أي يستر عقوبته فلا يعاقب.
ويلاحظ أن قيد عدم وجود الماء راجع إلى قوله : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ) [النساء ٤ / ٤٣] فتكون الأعذار ثلاثة : السفر والمرض وفقد الماء في الحضر ، أما الحدث فأمر مفروغ منه ، إنما الكلام في الأعذار المبيحة للتيمم ، ولا سبب في الحقيقة إلا فقد الماء ، والسفر وحده عذر كاف في التيمم ، وجد الماء أو لم يوجد.