يبصروا لوطا ومن معه ، كما قال تعالى : (وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ ، فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ ، فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ) [القمر ٥٤ / ٣٧].
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ..) أي فاخرج من هذه القرية في جزء من الليل يكفي لتجاوز حدودها ، كما قال تعالى : (فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الذّاريات ٥١ / ٣٥ ـ ٣٦].
(وَلا يَلْتَفِتْ ..) أي ولا ينظر أحد منكم إلى ما وراءه أبدا ، حتى لا يصيبه شيء من العذاب ، أو يتعاطف معهم ، وامضوا حيث تؤمرون.
(إِلَّا امْرَأَتَكَ ..). أي امض بأهلك إلا امرأتك فلا تأخذها معك ، إنه مصيبها ما أصابهم من العذاب ؛ لأنها كانت كافرة خائنة.
ثم ذكر علّة الإسراء ليلا ، فقال : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ..) أي إن موعد عذابهم وبدءه هو الصّبح من طلوع الفجر إلى شروق الشّمس ، كما قال تعالى : (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ) [الحجر ١٥ / ٧٣].
أليس موعد الصّبح بموعد قريب ، وسبب اختيار هذا الوقت كونهم متجمعين في مساكنهم. روي أنهم لما قالوا للوط عليهالسلام : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) قال : أريد أعجل من ذلك ، بل الساعة ، فقالوا : (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) قال المفسّرون : إن لوطا عليهالسلام لما سمع هذا الكلام ، خرج بأهله في الليل.
فلما جاء أمرنا بالعذاب ، وكان ذلك عند طلوع الشّمس ، ونفذ قضاؤنا ، جعلنا عاليها وهي سدوم سافلها ، وخسفنا بهم الأرض ، وأمطرنا عليهم حجارة من طين متحجّر ، منضّد بعضها فوق بعض وتتابع في النّزول عليهم ، مسوّمة أي معلّمة للعذاب ، عليها علامة خاصة عند ربّك أي في خزائنه ، كقوله تعالى :