الغالب في السور المكية. قال عطاء : لا يسمع سورة يوسف محزون إلا استراح إليها. وروى البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أن طائفة من اليهود حين سمعوا رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يتلو هذه السورة ، أسلموا ؛ لموافقتها ما عندهم.
مناسبتها لما قبلها :
نزلت هذه السورة بعد سورة هود ، وهي مناسبة لها ، لما في كلّ من قصص الأنبياء ، وإثبات الوحي على النبي صلىاللهعليهوسلم. وقد تكررت قصة كل نبي في أكثر من سورة في القرآن ، بأسلوب مختلف ، ولمقاصد وأهداف متنوعة ، بقصد العظة والاعتبار ، إلا قصة يوسفعليهالسلام ، فلم تذكر في غير هذه السورة ، وإنما ذكرت جميع فصولها بنحو متتابع شامل ، للإشارة إلى ما في القرآن من إعجاز ، سواء في القصة الكاملة أو في فصل منها ، وسواء في حالة الإجمال أو حالة التفصيل والبيان. قال العلماء : ذكر الله أقاصيص الأنبياء في القرآن ، وكرّرها بمعنى واحد في وجوه مختلفة ، بألفاظ متباينة على درجات البلاغة ، وذكر قصة يوسف ولم يكررها ، فلم يقدر مخالف على معارضة ما تكرّر ، ولا على معارضة غير المتكرر ، والإعجاز لمن تأمل (١).
ما اشتملت عليه السورة :
تضمنت هذه السورة قصة يوسف عليهالسلام ، بجميع فصولها المثيرة ، المفرحة حينا والمحزنة حينا آخر ، فبدأت ببيان منزلته عند أبيه يعقوب وصلته به ، ثم علاقته بإخوته (مؤامرتهم عليه ، وإلقاؤه في البئر ، وبيعه لرئيس شرطة مصر ، وشراؤهم الطعام منه في المرة الأولى ومنحهم إياه دون مقابل ، ومنعهم شراء الطعام في المرة الثانية إن لم يأتوه بأخيهم (بنيامين) وإبقاء أخيه بنيامين لديه في
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٩ / ١١٨