الذين يصبرون على الشدائد والمكاره ، ويكونون عند الرخاء والسعة من الشاكرين ، ويعملون الأعمال الطيبة الخيّرة في الدنيا ، فهؤلاء لهم من الله مغفرة على ما صبروا على عمل الخير وحال المصاب ، ولهم ثواب كبير أقله الجنة. وهذا جمع بين المطلوبين : زوال العقاب والخلاص منه ، وهو المراد من قوله (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) والفوز بالثواب ، وهو المراد من قوله : (وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) وهذا دليل على إعجاز القرآن لا بألفاظه فحسب ، بل بمعانيه أيضا.
أما الكافر عند البلاء فلا يكون عادة من الصابرين ، وعند الفوز بالنعمة لا يكون من الشاكرين ؛ لأن الشكر الحقيقي لا يكون إلا بالإيمان بالمنعم ، والصبر لا ثواب له عليه ما لم ينبعث من الإيمان ، وكثيرا ما يجزع وينفد صبره وربما ينتحر ؛ لأنه لا يجد سلوى أو عزاء له بمصابه يعوضه عنه في الآخرة ؛ لعدم إيمانه بالبعث والحساب والجزاء الحق من الله تعالى وحده.
والخلاصة : أن الآيات موازنة دقيقة بين أوصاف الإنسان المؤمن وأوصاف الإنسان الكافر ، ومنشأ الفرق هو الإيمان والكفر.
٥ ـ أحوال الدنيا غير باقية ، بل هي متغيرة متحولة من النعمة إلى المحنة ، ومن اللذات إلى الآفات ، وبالعكس وهو الانتقال من المكروه إلى المحبوب ، ومن المحرمات إلى الطيبات.
مطالبة مشركي مكّة بإنزال كنز أو مجيء ملك مع النّبي صلىاللهعليهوسلم
وتحدّيهم بالقرآن
(فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (١٢) أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ