درهما كما قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما ، فلم يستوف ثمنه الحقيقي بالقيمة ؛ لأن إخوته إن كانوا باعوه فلم يكن قصدهم ما يستفيدون من ثمنه ، وإنما كان قصدهم ما يستفيدون من خلو وجه أبيهم عنه ؛ وإن كان الذين باعوه هم السيارة الواردة ، فإنهم التقطوه ، ومن أخذ شيئا بلا ثمن ، باعه بأرخص الأسعار ، فما يأخذونه فيه ربح كله.
٣ ـ في الآية دليل واضح على جواز شراء الشيء الخطير بالثمن اليسير ، ويكون البيع لازما.
٤ ـ الله تعالى عليم بأفعال الخلائق وأقوالهم ، لا يخفى عليه شيء منها ، وسيجازيهم عليها.
وبمناسبة الكلام عن الدراهم ، قال العلماء : أصل النقدين الوزن ، لقوله صلىاللهعليهوسلم فيما رواه مسلم عن أبي هريرة : «الذهب بالذهب الفضة بالفضة وزنا بوزن مثلا بمثل ، فمن زاد أو استزاد فهو ربا» ولكن جرى في النقود العدّ تخفيفا عن الخلق ، لكثرة المعاملة ، ومشقة الوزن.
وهل تتعين الدراهم والدنانير أو لا؟ رأيان : قال أبو حنيفة ، ومالك في الظاهر من قوله : لا تتعين بالتعيين. وقال الشافعي : إنها تتعين. وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا قال : بعتك هذه الدنانير بهذه الدراهم ، فعلى الرأي الأول : تعلقت الدنانير بذمه صاحبها ، والدراهم بذمه صاحبها ، فلو تلفت ، ظل البيع صحيحا ولم يتأثر بتلف شيء من العوضين ؛ لأن مال الذمة لا يتلف.
وعلى الرأي الثاني : لو تلفت الدراهم والدنانير ، لم يتعلق بذمة صاحبهما شيء ، وبطل العقد كبيع الأعيان من العروض وغيرها.