الأولى بالصدّيقين ألا يلجأوا إلا إلى الله في رفع الأسباب ، فهو مسبب الأسباب ورافعها.
روي أن جبريل جاء إلى يوسف ، وهو في السجن ، معاتبا له إذ استغاث بالآدميين ، فقال له : يا يوسف من خلصك من القتل من أيدي إخوتك؟! قال : الله تعالى ، قال : فمن أخرجك من الجبّ؟ قال : الله تعالى ، قال : فمن عصمك من الفاحشة؟ قال : الله تعالى ، قال : فمن صرف عنك كيد النساء؟ قال : الله تعالى ، قال : فكيف تركت ربك ، فلم تسأله ، ووثقت بمخلوق؟! قال : يا ربّ ، كلمة زلّت مني ، أسألك يا إله إبراهيم وآله والشيخ يعقوب عليهمالسلام أن ترحمني ؛ فقال له جبريل : فإن عقوبتك أن تلبث في السجن بضع سنين (١).
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيتان إلى ما يلي :
١ ـ إن تعبير الرؤيا يعتمد على العلم والصلاح والتقوى ، فلا يفيد ذلك من العالم إلا الظن ، وأما يوسف عليهالسلام فكان تعبيره الرؤيا مقترنا بالوحي من ربه ، فيفيد اليقين.
٢ ـ من كذب في رؤياه ، ففسرها العابر له أيلزمه حكمها؟ قال : العلماء : لا يلزمه ، وإنما كان ذلك في يوسف ؛ لأنه نبي ، وتعبير النبي حكم ، فأوجد الله تعالى ما أخبر به الرائي كما قال ، تحقيقا لنبوته.
٣ ـ الاستعانة بغير الله في دفع الظلم جائزة في الشريعة ، لا إنكار عليه ،
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٩ / ١٩٥ ـ ١٩٦