وهذا صحيح ؛ لأن يوسف أعلم الصاحبين أن هذا قد فرغ منه ، وهو واقع لا محالة ؛ لأن الرؤيا على رجل طائر ، ما لم تعبّر ، فإذا عبرت وقعت. روى الإمام أحمد عن معاوية بن حيدة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت وقعت».
وجواب يوسف ليس مجرد تعبير رؤيا مبني على الظن والحسبان ، وإنما اعتمد على الوحي من الله تعالى ، والوحي يفيد القطع واليقين ، لا الظن والتخمين.
ثم أخبر يوسف عليهالسلام خفية لمن ظن أي تيقن أنه ناج وهو الساقي ، دون علم الآخر ، لئلا يشعره أنه المصلوب ، وقال له : اذكر قصتي عند سيدك وهو الملك ، لعله يخرجني من السجن بعد أن علم براءتي ، وهذا من قبيل الأخذ بالأسباب الظاهرية المطلوبة عادة وشرعا ، للنجاة والإنقاذ.
فأنسى الشيطان ذلك الناجي تذكير الملك بقصة يوسف ، وكان النسيان من جملة مكايد الشيطان ، لئلا يخرج نبي الله يوسف من السجن ، فيدعو إلى توحيد الله وعبادته ، ومقاومة الشرك ، ومطاردة وساوس الشيطان.
فلبث يوسف في السجن منسيا مظلوما بضع سنين أي من الثلاث إلى التسع ، قيل : إنه مكث سبعا ، قال وهب بن منبّه : مكث أيوب في البلاء سبعا ، ويوسف في السجن سبعا ، وعذب بختنصّر سبعا. وقال مقاتل : مكث يوسف في السجن خمسا وبضعا.
وقال ابن عباس : ثنتا عشرة سنة ، وقال الضحاك : أربع عشرة سنة. والرأي الأول أصح ؛ لأنه داخل في معنى البضع.
ومن المعلوم أن الاستعانة بالناس في دفع الظلم جائزة في الشريعة ، إلا أن