المناسبة :
بعد أن قرر يوسف عليهالسلام مسألة التوحيد وعبادة الله والنبوة ، عاد إلى الإجابة عن السؤال ، وتعبير الرؤيا.
التفسير والبيان :
قال يوسف : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما) وهو الساقي الذي رأى أنه يعصر خمرا ـ ولكنه لم يعينه في خطابه لئلا يحزن ـ فيسقي سيده خمرا كما كان في عادته. وقوله : (رَبِّهِ) لم يقصد ربوبية العبودية ، فإن ملك مصر في زمن يوسف لم يدّع الألوهية كفرعون مصر أيام موسى عليهالسلام. روي أن يوسف قال له : ما أحسن ما رأيت ، أما حسن العنبة فهو حسن حالك ، وأما الأغصان : فثلاثة أيام ، يوجه إليك الملك عند انقضائهن ، فيردك إلى عملك ، فتصير كما كنت ، بل أحسن (١). وهذا دليل على أنه كان بريئا من تهمة المشاركة في تسميم الملك.
وأما الآخر : وهو الخباز الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه : فيصلب ، فتأكل الطيور الجوارح كالنسر والعقاب والصقر والحدأة والرخمة من رأسه. روي أن يوسف قال له : بئسما رأيت ، السلال الثلاث ثلاثة أيام ، يوجه إليك الملك عند انقضائهن ، فيصلبك ، وتأكل الطير من رأسك ، وهذا يدل على أن الخباز هو الذي اتهم بتسميم الملك وثبتت عليه التهمة. لكن تفاصيل هذه الرواية والتي قبلها تعارض ظاهر الآية.
ثم نقل في التفسير : أنهما قالا : ما رأينا شيئا فقال : (قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ) أي لا تناقشا فإن الأمر قد نفذ ، وسبق الحكم الذي تسألان عنه. والاستفتاء لغة : السؤال عن المشكل ، والفتوى : جوابه.
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٨ / ١٤٢