أهداف القصة في القرآن :
قد يتكرر إيراد القصة الواحدة في القرآن بأساليب مختلفة ، لمناسبات متعددة ، وتأثير نفسي متفاوت ، وإيحاء متنوع الهدف. ويظهر لنا من بيان قصص الأمم السابقة في هذه السورة وغيرها من السور المكية غالبا أنها تهدف إلى تحقيق أغراض معينة أهمها ما يأتي :
١ ـ الإخبار عن تواريخ بعض الأمم الماضية ، وإلقاء الأضواء على حوادث غيبية مهمة جدا ، لم يكن يدري بها النبي صلىاللهعليهوسلم ولا أحد من قومه (ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ، وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ ، وَهُمْ يَمْكُرُونَ) [يوسف ١٢ / ١٠٢] ، فيكون ذلك دليلا على صدق نبوته ، وأن هذا القرآن من عند الله ، وليس افتراء منه ، كما زعم المشركون إذ قالوا كما حكى القرآن الكريم : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا : إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ ، وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ، فَقَدْ جاؤُ ظُلْماً وَزُوراً. وَقالُوا : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ)(١)(اكْتَتَبَها ، فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً. قُلْ : أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان ٢٥ / ٤ ـ ٦].
٢ ـ إخبار الناس جميعا عن جهود الأنبياء والرسل في سبيل نشر دعوتهم ، وصراعهم مع أقوامهم ، ومجادلاتهم ومناقشاتهم السديدة المتنوعة لإظهار الحق وإبطال الباطل ، ومدى استجابة أقوامهم لهم وإعراضهم عنهم ، وتسلية لنبيا صلىاللهعليهوسلم عما كان يؤلمه من صدود الناس عن الإيمان برسالته ، كما قال تعالى : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ ، وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) [هود ١١ / ١٢٠] وفيها بيان كونهم الأسوة الحسنة للجهاد والصبر
__________________
(١) أساطير الأولين : القصص والأكاذيب القديمة ، وكانت العرب لجهلها تزعم ذلك.