لا ريب فيه ، ولا يصرفه عنهم صارف ، وهو نازل محيط بهم ، جزاء ما كانوا به يستهزئون. والمراد من العذاب إما عذاب الدنيا وهو عذاب الاستئصال أو الهزيمة الساحقة في معركة فاصلة كمعركة بدر ، وإما عذاب الآخرة. وأخبر تعالى عن أحوال القيامة بلفظ الماضي : (وَحاقَ) مبالغة في التأكيد والتقرير.
٢ ـ وأقسم عزوجل أيضا على أن الإنسان (وهو اسم شائع للجنس في جميع الناس ، أو الكفار) إن وجد أقل القليل من الخيرات العاجلة وهو الإذاقة والذوق (وهو أقل ما يوجد به الطعم) يقع في التمرد والطغيان ، وإن أدرك أقل القليل من المحنة والبلية ، يقع في اليأس والقنوط والكفر. واليؤوس : من الرحمة ، والكفور للنعم : الجاحد لها ، وكلاهما من صيغ المبالغة ، يراد به التكثير ، كفخور للمبالغة.
وتفسير هذه الظاهرة : هو أن الكافر يعتقد أن سبب حصول تلك النعمة مصادفة ومجرد اتفاق. وأما المسلم فيعتقد أن تلك النعمة من الله تعالى وفضله وإحسانه ، فلا يحصل له اليأس ، ويأمل خيرا منها ، ويصبر على فقدها كما قال تعالى : (عَسى رَبُّنا أَنْ يُبْدِلَنا خَيْراً مِنْها ، إِنَّا إِلى رَبِّنا راغِبُونَ) [القلم ٦٨ / ٣٢] وقال تعالى : (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) [يوسف ١٢ / ٨٧].
٣ ـ وأقسم تعالى ثالثا على أن الإنسان إن أمدّه الله بنعمة كالصحة والرخاء والسعة في الرزق ، بعد ضر مسّه كالفقر والشدة ، قال : ذهب السيئات عني أي المصائب التي تسوء صاحبها من الضر والفقر ، وهو فرح (بطر) فخور (متعال على الناس) بما ناله من السعة ، وينسى شكر الله عليه.
وفي لفظ الإذاقة والمس تنبيه على أن ما يجده الإنسان في الدنيا من النعم والمحن كالأنموذج لما يجده في الآخرة ، كما قال البيضاوي.
٤ ـ استثنى الله تعالى من أوصاف الإنسان الذميمة وأحواله حالة المؤمنين