فقالتا : ما شأنكم؟ ومن أين أقبلتم؟ قالوا : من موضع كذا نريد هذه القرية ، قالتا : فإن أهلها أصحاب الفواحش ؛ فقالوا : أبها من يضيفنا؟ قالتا : نعم! هذا الشيخ ، وأشارتا إلى لوط ؛ فلما رأى لوط هيئتهم خاف قومه عليهم.
٢ ـ كان مجيء القوم مسرعين بقصد ارتكاب الفاحشة دليلا ماديا محسوسا للملائكة وغيرهم على استحقاقهم العذاب الأليم والعقاب السريع. وكان سبب إسراعهم ما روي أن امرأة لوط الكافرة ، لما رأت الأضياف وجمالهم وهيئتهم ، خرجت حتى أتت مجالس قومها ، فقالت لهم : إنّ لوطا قد أضاف الليلة فتية ، ما رئي مثلهم جمالا ؛ وكذا وكذا ، فحينئذ جاؤوا يهرعون إليه.
ويذكر أن الرّسل لما وصلوا إلى بلد لوط ، وجدوا لوطا في حرث (بستان) له. وقيل : وجدوا ابنته تستقي ماء من نهر سدوم .. إلخ ما ذكر سابقا.
٣ ـ كان قوم لوط يعملون السّيئات ، أي كانت عادتهم إتيان الرّجال ، فلما جاؤوا إلى لوط ، وقصدوا أضيافه قام إليهم لوط مدافعا ، وقال : هؤلاء بناتي ، أي أرشدهم إلى التّزوج بالنّساء ، وإيثار البنات على الأضياف وقيل : ندبهم في هذه الحالة إلى النّكاح ، وكانت سنّتهم جواز نكاح الكافر المؤمنة ؛ وقد كان هذا في أول الإسلام جائزا ثم نسخ ؛ فزوّج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنتا له من عقبة بن أبي لهب ، والأخرى من أبي العاص بن الرّبيع قبل البعثة والوحي ، وكانا كافرين.
وقال جماعة من المفسّرين كمجاهد وسعيد بن جبير : أشار بقوله : (بَناتِي) إلى النّساء جملة ؛ إذ نبيّ القوم أب لهم ، ويؤيّد هذا أن في قراءة ابن مسعود : «النّبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وأزواجه أمهاتهم ، وهو أب لهم» ، والظاهر أن هذا هو أمثل الآراء وأقربها إلى الصحة.