عليهالسلام بتوعد امرأة العزيز له بالسجن ، وإنما لجأ إلى الله قائلا : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ).
٨ ـ المحنة لا تثني المؤمن عن واجبه في الدعوة إلى الله تعالى ، فإن يوسف عليهالسلام بالرغم من كونه في السجن ، انتهز فرصة تأويل رؤيا سجينين معه ، فبادر إلى الدعوة إلى التوحيد ودين الله ، لعل الموجودين معه يؤمنون بدعوته ، وقد أسلم فعلا الملك ، ومستعبر الرؤيا الساقي ، والشاهد فيما يقال.
٩ ـ الفطنة لاستغلال الأحداث والاتصاف بالإباء والشمم ، فلم يبادر يوسف عليهالسلام إلى الخروج من السجن ، حتى تعلن براءته ، وتظهر طهارته ، وشرف نفسه ، حتى لا يوصف بأنه مجرم ، أودع السجون بجرمه.
١٠ ـ إظهار فضيلة الصبر ، فقد كان يوسف متدرعا بدرع الصبر على الأذى ، لاجتياز العقبات والصعاب والمصائب التي تعرّض لها وهي ما ذكر ، والصبر مفتاح الفرج ، ونصف الإيمان ، وطريق تحقيق النصر ، وقد نصره الله كما نصر باقي الرسل بعد الاستيئاس. وتوّج نصره بالعفو عن إخوته وكرمه في العفو الذي أصبح مضرب الأمثال ، حتى قال : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ ...).
١١ ـ أسفرت قصة يوسف عن براءته المطلقة ، كبراءة الذئب من دمه ، فقد تضافرت شهادات عديدة على براءته ، كما ذكر الرازي (١) :
أولها ـ شهادة رب العالمين : فقد شهد الله تعالى ببراءته عن الذنب بقوله : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) شهد تعالى في هذه الآية على طهارته أربع مرات ، بقوله : (لِنَصْرِفَ ..) واللام للتأكيد
__________________
(١) تفسير الرازي : ١٨ / ١١٦ وما بعدها.