ما وصاه به ، ومن غير اشتراط للخروج قبل ذلك ، فقال : مبينا لهم خطة أربع عشرة سنة : إنه يأتيكم الخصب والمطر سبع سنين متواليات.
ففسر البقر بالسنين ؛ لأنها تثير الأرض التي تكون سببا للثمرات والزروع ، وهن السنبلات الخضر.
ثم أرشدهم إلى ما يفعلون في سني الخصب ، فقال : مهما جنيتم في هذه السبع السنين الخصب من الغلال والزروع ، فادخروه في سنبله ، لئلا يأكله السوس ، إلا المقدار القليل الذي تأكلونه ، فادرسوه ، ولا تسرفوا فيه لتنتفعوا بالباقي في السبع الشداد الصعاب ، وهن السبع السنين الجدب التي تعقب هذه السنوات السبع المتواليات ، وهن البقرات العجاف ، اللاتي تأكل السمان ؛ لأن سني الجدب يؤكل فيها ما جمعوه في سني الخصب ، وهن السنبلات اليابسات ، ففي سني القحط لا تنبت الأرض شيئا ، وما بذروه لا يرجع منه شيء ، لهذا قال : (يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً ..) أي إن أهلها يأكلون كل ما ادخرتم في تلك السنين السابقة لأجل السنين الجدباء ، إلا قليلا مما تحزنون وتحرزون وتدخرون لبذور الزراعة. ويلاحظ أنه نسب الأكل للسنين وأراد به أهلها.
والخلاصة : تأول يوسف عليهالسلام البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين محصبة ، والعجاف واليابسات بسنين مجدبة.
ثم بشرهم بمجيء عام يغاث فيه الناس أي يأتيهم الغيث وهو المطر ، وتغل البلاد ، ويعصر الناس فيه ما كانوا يعصرون عادة من زيت الزيتون وسكر القصب وشراب التمر والعنب ونحوها.
وهذا الإخبار بمغيبات المستقبل من وحي الله وإلهامه ، لا مجرد تعبير للرؤيا ، فهو بشارة في العام الخامس عشر بعد تأويل الرؤيا بمجيء عام مبارك خصيب ، كثير الخير ، غزير النعم ، وهو إخبار من جهة الوحي.