المنبتة لها واحدة ، وتسقى من ماء واحد ، وتتفاوت طعومها ، وتتفاضل مآكلها.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) أي إن في هذا التّفاوت مع وجود مصادر التّشابه لأدلّة باهرة على وجود الله ووحدانيته ، لقوم يتدبّرون ويفكّرون فيها ، فهذا الاختلاف في أجناس الثّمرات والزّروع في أشكالها وألوانها وطعومها وروائحها ، حلاوة وحموضة ومرارة وعذوبة وتلوّنا ، وهذا الاختلاف في الأزهار في ألوانها وروائحها وإبداع ورقاتها وزهرها ، مع أنها كلّها تستمد من طبيعة واحدة ، وهو الماء والأرض ، في كلّ ما ذكر آيات لمن كان واعيا ، ومن أعظم الأدلّة على وجود الخالق الفاعل المختار القادر على كلّ شيء ، ومن قدر على الإيجاد والخلق أول مرّة فهو قادر على الإعادة والتّكوين مرّة ثانية ، بل هو أهون عليه.
وختم الآيات الثلاث بما ذكر : (لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ) ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) دليل على وجوب استخدام النّظر والعقل والفكر ، للتّوصل إلى الاقتناع الذّاتي الحرّ بوجود الخالق ووحدانيته ، وهذا الإعمال للعقل من مقاصد الإسلام ، وفرائض القرآن ، وأصول الدّين.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ من لطف الله بعباده ورحمته بهم وإرشاده لهم أنه أوضح لهم الأدلّة ، ولفت نظرهم إلى ما يدلّ على وجوده وكمال قدرته ، وعلمه ، وإرادته ، فتخصيص كلّ واحد منها بوضعه وموضعه وصفته وطبيعته وحليته ليس إلا من الله تعالى.
٢ ـ الأدلّة متنوعة : سماوية وأرضية ، فالسّماوية ثلاثة : رفع السّموات بغير أعمدة ، والاستواء على العرش ، وتسخير الشّمس والقمر وتذليلهما وتطويعهما