الملائكة ، حال من ضمير (لا يَسْتَكْبِرُونَ). (مِنْ فَوْقِهِمْ) حال ، أي عاليا عليهم بالقهر والغلبة ، كما قال تعالى : (وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ) [الأعراف ٧ / ١٢٧].
المناسبة :
بعد أن أبان الله تعالى موقف الكفار في إنكار البعث والقيامة ، الدال على التمادي في الغي والجهل والضلال ، أبان حكم الهجرة عن تلك الديار ورغب فيها ، تخلصا مما يقدم عليه أولئك الكفار من إيذاء المسلمين وإضرارهم وعقوبتهم ، قال ابن عباس رضياللهعنهما : نزلت هذه الآية في ستة من الصحابة : صهيب ، وبلال ، وعمار ، وخباب ، وعابس ، وجبير ، موليين لقريش ، فجعلوا يعذبونهم ليردوهم عن الإسلام ، أما صهيب فقال لهم : أنا رجل كبير إن كنت لكم ، لم أنفعكم ، وإن كنت عليكم ، لم أضركم ، فافتدى منهم بماله ، فلما رآه أبو بكر قال : ربح البيع يا صهيب ، وقال عمر : نعم الرجل صهيب ، لو لم يخف الله ، لم يعصه ، وهو ثناء عظيم ، يريد به: لو لم يخلق الله النار لأطاعه ، فكيف ظنك به ، وقد خلقها؟ وأما سائرهم فقد قالوا بعض ما أراد أهل مكة من كلمة الكفر والرجوع عن الإسلام ، فتركوا عذابهم ، ثم هاجروا ، فنزلت هذه الآية(١).
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال في هذه الآية : هؤلاء أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم ، أهل مكة ، فأخرجوهم من ديارهم ، حتى لحق طوائف منهم بأرض الحبشة ، بوّأهم الله المدينة بعد ذلك ، فجعلها لهم دار هجرة ، وجعل لهم أنصارا من المؤمنين.
ثم ذكر الله تعالى الشبهة الخامسة لمنكري النبوة الذين قالوا : الله أعلى وأجل من أن يكون رسوله واحدا من البشر ، بل لو أراد بعثة رسول إلينا ، لكان
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٠ / ٣٤