المناسبة :
بعد أن أوضح الله تعالى حال المشركين الذين عرفوا نعمة الله ثم أنكروها ، وأبان أن أكثرهم الكافرون ، أتبعه بالوعيد ، فذكر حالهم يوم القيامة وبعض مشاهدهم من شهادة نبيهم لهم أو عليهم ، وعدم تخفيف العذاب عنهم ومضاعفته عليهم ، وتكذيب المعبودات لهم أنهم شركاء لله ، أو أنهم ما عبدوهم حقيقة ، وإنما عبدوا أهواءهم.
ثم ذكر تعالى نوعا آخر من التهديدات المانعة من المعاصي : وهو إحضار شاهد على كل أمة ، وأن النبي صلىاللهعليهوسلم شاهد على أمته ، وأن من مزاياه بيان أحكام القرآن الذي هو هدى ورحمة وبشرى للمؤمنين بالجنان.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن شأن المشركين وأحوالهم يوم القيامة ، فيقول : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً).
أي واذكر أيها الرسول لهؤلاء المشركين يوم نبعث من كل أمة شاهدا عليهم ، وهو نبيهم يشهد عليهم بما أجابوه عما بلّغهم عن الله تعالى ، إما بالإيمان وإما بالكفر والعصيان ، كما قال تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ ، وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء ٤ / ٤١].
(ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ثم لا يسمح للكفار بالاعتذار والدفاع عن أنفسهم ، إذ لا حجة لهم ، ولأنهم يعلمون كذبهم في الاعتذار ، كقوله تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) [المرسلات ٧٧ / ٣٥].
وإيراد (ثُمَ) يدل على أن منعهم من الكلام والاعتذار أشد عليهم من شهادة نبيهم عليهم.