المناسبة :
هذه هي القصة الرابعة لإخبار العرب وغيرهم أن موسى عليهالسلام مثل إبراهيم عليهالسلام أخلص العبادة لله عن الشرك والرياء ، وأسلم وجهه لله تعالى. ومثله أيضا أخوه هارون. قال ابن عباسرضياللهعنهما : كان هارون عليهالسلام أكبر من موسى عليهالسلام ، وإنما وهب الله له نبوته ، لا لشخصه وأخوته ، وذلك إجابة لدعائه في قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي : هارُونَ أَخِي ، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) [طه ٢٠ / ٢٩ ـ ٣١] ، فأجابه الله تعالى إليه بقوله : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) [طه ٢٠ / ٣٦] ، وقوله : (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) [القصص ٢٨ / ٣٥].
التفسير والبيان :
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى) لما ذكر الله تعالى إبراهيم الخليل وأثنى عليه ، عطف بذكر موسى الكليم ، فقال : واذكر يا محمد في الكتاب ، واتل على قومك أوصاف موسى التي سأخبرك عنها وهي خمس صفات :
١ ـ (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) أي جعلناه مختارا مصطفى ، وأخلصناه مطهرا من الآثام والذنوب ، كما قال تعالى : (إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي) [الأعراف ٧ / ١٤٤]. وقرئ بالكسر (مخلصا) ومعناه : أخلص لله في التوحيد والعبادة ، والإخلاص : هو القصد في العبادة إلى أن يعبد المعبود بها وحده. قال الثوري عن أبي لبابة قال : قال الحواريون : يا روح الله ، أخبرنا عن المخلص لله ، قال : الذي يعمل لله ، لا يحب أن يحمده الناس.
٢ ـ (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) جمع الله له بين الوصفين ، فإنه كان من المرسلين الكبار أولي العزم الخمسة ، وهم : (نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم