إسماعيل وأمه هاجر في مكة :
لم يبن بمكة شيء بعد البيت إلا في القرن الثاني قبل الإسلام ، في عهد قصي بن كلاب ، فإنه بنى دار الندوة ، وتبعته قريش في البناء حول المسجد.
جاء في البخاري عن ابن عباس : أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل ، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة. ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل ، وهي ترضعه ، وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، ووضعهما هناك ، ووضع عندهما جرابا فيه تمر ، وسقاء فيه ماء ، ثم قفى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل فقالت : يا إبراهيم ، أين تذهب ، وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ، فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها ؛ فقالت له : آلله أمرك بهذا؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا. ثم رجعت.
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية ، حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ، ثم دعا بهؤلاء الكلمات ، ورفع يديه ، فقال : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) ، حتى بلغ (يَشْكُرُونَ).
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل ، وتشرب من ذلك الماء ، حتى إذا نفد ما في السقاء ، عطشت وعطش ابنها ، وجعلت تنظر إليه يتلوى ـ أو قال :يتلبط ـ فانطلقت كراهية أن تنظر إليه ، فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها ؛ فقامت عليه ، ثم استقبلت الوادي تنظر ، هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا ، فهبطت من الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي ، رفعت طرف درعها ، ثم سعت سعي الإنسان المجهود ، حتى جاوزت الوادي. ثم أتت المروة ، فقامت عليها ، ونظرت ، هل ترى أحدا؟ فلم تر أحدا ، ففعلت ذلك سبع مرات».
قال ابن عباس : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فذلك سعي الناس بينهما». فلما