لكن لا خلاف أن الوفاء بالدين يستحق صاحبه الحمد والشكر ، وعلى الخلف الذم ، وقد أثنى الله تبارك وتعالى على من صدق وعده ، ووفّى بنذره.
ويرى الإمام مالك : أن الوعد ملزم إذا دخل الموعود في التزام ما ، أو وعد بقضاء دين عنه ، وشهد عليه اثنان ، يلزمه ذلك قضاء (١). ويرى سائر الفقهاء الآخرين : أن العدة لا يلزم منها شيء ؛ لأنها منافع لم تقبض في العارية ، وفي غير العارية : هي أشياء وأعيان موهوبة لم تقبض ، فلصاحبها الرجوع فيها.
وكان إسماعيل عليهالسلام رسولا إلى جرهم في مكة ونبيا صالحا ، وكان يأمر أهله جرهم وولده بالصلاة والزكاة ، وكان عند ربه مرضيا مقبولا ؛ وهذا في نهاية المدح ؛ لأن المرضي عند الله هو الفائز بأعلى الدرجات.
وإذا قرنت الزكاة بالصلاة أريد بها الصدقات الواجبة ، فهي طاعة لله لازمة ، تتطلب الإخلاص في أدائها ، كما أن الصلاة واجبة.
والأقرب ـ كما قال الرازي ـ في الأهل : أن المراد به من يلزمه أن يؤدي إليه الشرع ، فيدخل فيه كل أمته ؛ لأنه يلزمه في جميعهم ما يلزم المرء في أهله خاصة.
قصة إدريس عليهالسلام
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧))
المفردات اللغوية :
(إِدْرِيسَ) هو سبط شيث ، وجد نوح لأبيه ، واسمه (أخنوخ) لقب إدريس بذلك لكثرة
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١١ / ١١٦.