الْعِظامَ ، وَهِيَ رَمِيمٌ. قُلْ : يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) [يس ٣٦ / ٧٧ ـ ٧٩].
والدليل على إمكان الإعادة :
(أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ ، وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) أي ألا يتفكر هذا الجاحد في أول خلقه ، فقد خلقناه من العدم ، دون أن يكون شيئا موجودا ، فيستدل بالابتداء على الإعادة ، والابتداء أعجب وأغرب من الإعادة.
والمعنى : أنه تعالى قد خلق الإنسان ، ولم يكن شيئا قبل خلقه ، بل كان معدوما بالكلية ، أفلا يعيده ، وقد صار شيئا ، كما قال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ، ثُمَّ يُعِيدُهُ ، وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم ٣٠ / ٢٧]. وجاء في الحديث الصحيح : «يقول الله تعالى : كذّبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني ، وآذاني ولم يكن له أن يؤذيني ، أما تكذيبه إياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من آخره ، وأما أذاه إياي فقوله : إن لي ولدا ، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن لي كفوا أحد».
ثم هدد تعالى منكري البعث تهديدا من وجوه قائلا.
١ ـ ٢ : (فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ، ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا) أي أقسم الرب تبارك وتعالى بذاته الكريمة أنه لا بد أن يحشرهم جميعا وشياطينهم الذين كانوا يعبدون من دون الله ، بأن يخرجهم من قبورهم أحياء ويجمعهم إلى المحشر مع شياطينهم الذين أغووهم وأضلوهم. ثم ليحضرنهم حول جهنم بعد طول الوقوف ، جاثين قاعدين على ركبهم ، لما يصيبهم من هول الموقف وروعة الحساب ، كما قال تعالى : (وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) [الجاثية ٤٥ / ٢٨]. وهذا الإحضار يكون قبل إدخالهم جهنم ، ويكون على أذل صورة لقوله : (جِثِيًّا).