٣ ـ (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) أي لننتزعن ونأخذن من كل فرقة دينية أو طائفة من طوائف الغي والفساد أعصاهم وأعتاهم وأكثرهم تكبرا وتجاوزا لحدود الله ، وهم قادتهم ورؤساؤهم في الشر.
فهذه وجوه التهديد : أولها ـ الحشر مع الشياطين ، وثانيها ـ الإحضار قعودا حول جهنم في صورة الذليل العاجز ، وثالثها ـ تمييز البعض من البعض ، فمن كان أشدهم تمردا في كفره ، خص بعذاب أعظم ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ) [النحل ١٦ / ٨٨] وقال : (وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت ٢٩ / ١٣].
(ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا) أي أنه تعالى أعلم بمن يستحق من العباد أن يصلى نار جهنم ، ويخلد فيها ، وبمن يستحق تضعيف العذاب ، كما قال سبحانه : (لِكُلٍّ ضِعْفٌ ، وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) [الأعراف ٧ / ٣٨].
ثم أخبر الله تعالى عن ورود الناس جميعا نار جهنم ، فقال :
(وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها ، كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) أي ما منكم من أحد من الناس إلا سوف يرد إلى النار ، والورود : هو المرور على الصراط ، كان ذلك المرور أمرا محتوما ، قد قضى سبحانه أنه لا بد من وقوعه لا محالة. وقيل : الورود : الدنو من جهنم وأن يصيروا حولها ، وهو موضع المحاسبة ، وقيل : الورود : الدخول ، لحديث : «الورود الدخول ، لا يبقى برّ ولا فاجر ، إلا دخلها ، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما ، كما كانت على إبراهيم». والأصح أن الورود : المرور ، للحديث التالي :
روى ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : يرد الناس جميعا الصراط ، وورودهم قيامهم حول النار ، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم ، فمنهم من يمر مثل