مهانة وذلّ ، ودليل على أن أهوال يوم القيامة تختص بالمجرمين ؛ لأن المتقين من الابتداء يحشرون في حال من التكريم ، فهم آمنون من الخوف ، فكيف يجوز أن تنالهم الأهوال؟!
٦ ـ لا يملك أحد عند الله الشفاعة لغيره ، إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا فهو يملك الشفاعة (١) ، والعهد : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، والقيام بحقها ، فقد تظاهرت الأخبار بأن أهل الفضل والعلم والصلاح يشفعون ، فيشفّعون ، قال ابن مسعود : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لأصحابه : «أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا؟ قيل : يا رسول الله ، وما ذاك؟ قال : يقول كل صباح ومساء : اللهم فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، إني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك ، وأن محمدا عبدك ورسولك ، فلا تكلني إلى نفسي ، فإنك إن تكلني إلى نفسي تباعدني من الخير ، وتقرّبني من الشر ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد.
فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعا ، ووضعها تحت العرش ، فإذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين الذين لهم عند الله عهد؟ فيقوم فيدخل الجنة».
__________________
(١) وحينئذ يكون الاستثناء متصلا ؛ لأن مَنِ في موضع رفع على البدل من واو يَمْلِكُونَ أي لا يملك أحد عند الله الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا ، فإنه يملك. ويصح جعل الاستثناء منقطعا ، بمعنى لكن ، أي لا يملك هؤلاء الكفار الشفاعة لأحد ، لكن المسلمون الذين اتخذوا عند الرحمن عهدا ، فإنهم يملكون الشفاعة.