(إِدًّا) منكرا عظيما. والإدّة : الشدة. يقال : أدّني الأمر وآدني : أثقلني وعظم علي. (يَتَفَطَّرْنَ) يتشققن مرة بعد أخرى ، التفطر : التشقق. (وَتَخِرُّ) تسقط وتنهدم. (هَدًّا) أي تهدّ هدّا أو مهدودة. والمعنى : أن هول هذه الكلمة وعظمها بحيث لو تصوّر بصورة محسوسة ، لم تتحملها هذه الأجرام العظام ، وتفتّت من شدتها.
(وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) أي ما يليق به ذلك. (إِنْ كُلُّ ...) ما كل.
(عَبْداً) منقادا خاضعا ذليلا يوم القيامة. (لَقَدْ أَحْصاهُمْ) حصرهم وأحاط بهم ، فلا يخرجون عن علمه وقدرته. (وَعَدَّهُمْ عَدًّا) عدّ أشخاصهم وأنفاسهم وأفعالهم ، فإن كل شيء عنده بمقدار. (فَرْداً) منفردا بلا مال ولا نصير.
المناسبة :
بعد أن ردّ الله تعالى على عبدة الأوثان ، عاد إلى الرد على من أثبت له ولدا كاليهود الذين قالوا : عزير ابن الله ، والنصارى الذين قالوا : المسيح ابن الله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ : عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ ، وَقالَتِ النَّصارى : الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) [التوبة ٩ / ٣٠] ، وبعض مشركي العرب الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، وكل ذلك إفك مفترى.
التفسير والبيان :
(وَقالُوا : اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً ، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) أي وقال الكفار (اليهود والنصارى والمشركون من العرب الذين يزعمون أن الملائكة بنات الله) : إن الله اتخذ ولدا ، فردّ الله تعالى عليهم : لقد جئتم بهذا القول شيئا منكرا ، وقلتم قولا عظيم الجرم والإثم. والإدّ : الداهية والأمر المنكر الشنيع الفظيع.
(تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) أي تقارب السموات أن تتشقق منه ، وأن تتصدع وتخسف الأرض ، وتسقط بصوت شديد ، وتنهدم الجبال هدما شديدا تتضعضع منه ، لشدة نكرانه ، إعظاما للربّ وإجلالا ، لأنهن مخلوقات على توحيده ، وأنه لا شريك له ولا نظير ولا ولد