فيحكم في خلقه بما يشاء ، وهو العادل الذي لا يظلم الناس شيئا ، ولكن الناس أنفسهم يظلمون. وقوله ؛ (وَعَدَّهُمْ عَدًّا) تأكيد لما سبق.
فقه الحياة أو الأحكام :
موضوع هذه الآيات : تقرير التوحيد ، وإثبات العبودية الخالصة لله ، وإنكار اتخاذ الله ولدا : (قُلْ : هُوَ اللهُ أَحَدٌ ، اللهُ الصَّمَدُ ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص ١١٢ / ١ ـ ٤].
ومع هذا زعم اليهود والنصارى وبعض العرب القائلين بأن الملائكة بنات الله : أن لله ولدا ، وحاشا لله أن يتخذ ولدا ، إذ لا حاجة به إليه ، وهو منزه عن النقص والشريك والنظير والولد ، وتعدّ هذه المقالة منكرا عظيما ، وأمرا فظيعا ، وجرما شنيعا.
حتى لتكاد تزول الأكوان ، فتنشق السموات ، وتتصدع الأرض ، وتسقط الجبال بصوت شديد ، رفضا لهذا القول ، وإنكارا له ، وغضبا لله عزوجل ؛ لأنها خلقت وأسست على الإقرار بتوحيد الله ؛ ولأن الولد يقتضي الحدوث ، ولا ولد إلا من والد ، والله سبحانه تعالى تنزه عن ذلك وتقدس.
وما كل من في السموات والأرض إلا وهو يأتي يوم القيامة مقرّا لله بالعبودية ، خاضعا ذليلا ، كما قال تعالى : (وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ) [النمل ٢٧ / ٨٧] أي ذليلين صاغرين ؛ لأن الخلق كلهم عبيده ، فكيف يكون واحد منهم ولدا له عزوجل؟ تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا.
وهذه الآية : (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) دليل على أنه لا يجوز أن يكون الولد مملوكا للوالد ، فإن الله تعالى أبان المنافاة بين الأولاد والملك ، فإذا ملك الوالد ولده بنوع من التصرفات ، عتق عليه