منزل القرآن هو أيضا مالك السموات والأرض وما بينهما من الموجودات ، ومالك كل سيء ومدبره ، ومتصرف فيه ، ومالك ما تحت التراب من شيء. فله الكون كله ملكا وتدبيرا وتصرفا.
(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) أي إن تجهر بدعاء الله وذكره ، فالله تعالى عالم بالجهر والسر ، وما هو أخفى منه مما يخطر بالبال ، أو يجري في حديث النفس ، فالعلم بكل ذلك سواء بالنسبة لله عزوجل. والمعنى : إن تجهر بذكر الله ودعائه ، فاعلم أنه غني عن ذلك ، فإنه يعلم السر وما هو أخفى من السر.
وأما إجراء الأدعية والأذكار على اللسان ، فلمساعدة القلب على ذلك ، ولتصور المعنى ، وشغل الحواس بالمطلوب وصرفها عن التفكر في غير ذلك ، كما قال تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً ، وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ) [الأعراف ٧ / ٢٠٥].
(اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) إن صفات الكمال المتقدمة هي لله المعبود الحق الذي لا إله غيره ولا رب سواه ، وله أحسن الأسماء والصفات الدالة على كل الكمال والتقديس والتمجيد ، وهي التسعة والتسعون التي ورد بها الحديث الصحيح ، والتي تقدم ذكرها في سورة الأعراف [الآية : ١١٠] وله أيضا الأفعال الصادرة عن كمال الحكمة والصواب.
وبه يتبين أن هذه الآيات وصفت منزل القرآن على الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه خالق الأرض والسماء ، وأنه الرحمن صاحب النعم ، وأنه الذي استوى على العرش وصاحب التصريف في الكون ، وأن له الكون كله ملكا وتدبيرا وتصرفا ، وأنه العالم بكل شيء ، سواء عنده السر والجهر ، وأنه الله الذي لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى والصفات العليا والأفعال السديدة.