٤ ـ قال ابن عباس : إمساك العصا سنة للأنبياء وعلامة للمؤمن. وقال الحسن البصري : فيها ست خصال : سنة للأنبياء ، وزينة الصلحاء ، وسلاح على الأعداء ، وعون للضعفاء ، وغم للمنافقين ، وزيادة في الطاعات.
ومنافع العصا كثيرة ، منها اتخاذها قبلة في الصحراء ، وقد كان للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عنزة (١) تركز له فيصلي إليها ، وكان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة ، فتوضع بين يديه ، فيصلي إليها ، وذلك ثابت في الصحيح. وفي الصحيحين : أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان له مخصرة (٢).
والإجماع منعقد على أن الخطيب يخطب متوكئا على سيف أو عصا. وكان ابن مسعود صاحب عصا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعنزته ؛ وكان يخطب بالقضيب ، وعلى ذلك الخلفاء وكبراء الخطباء ؛ وعادة العرب العرباء الفصحاء اللسن البلغاء : أخذ المخصرة والعصا والاعتماد عليها عند الكلام ، وفي المحافل والخطب.
٥ ـ لقد تحولت العصا الملقاة من يد موسى حية كبيرة سريعة الحركة بفعل الله عزوجل القادر على خرق العوائد ، فقلب الله أوصافها وأعراضها ، كذلك عادت الحية عصا إلى حالتها الأولى بفعل الله تعالى ، وكل ذلك كان معجزة لموسى عليهالسلام وبرهانا حسيا قطعيا على نبوته.
وإنما أظهر الله هذه الآية لموسى ، لئلا يفزع منها إذا ألقاها عند فرعون.
وكان خوف موسى عند انقلابها لأول مرة حية ـ بعد أن علم أنه مبعوث من عند الله إلى الخلق ـ بمقتضى الطبع الإنساني الذي يخاف من الحيات لسميتها
__________________
(١) العنزة : مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا ، وفيها سنان مثل سنان الرمح. والعنزة والحربة والنيزك والآلة بمعنى واحد.
(٢) المخصرة : ما يختصره الإنسان بيده ، فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب ، وقد يتكئ عليها.