ثم أمره تعالى بالعودة إلى مكانه ، فرجع موسى وهو شديد الخوف ، فقال :
(قالَ : خُذْها وَلا تَخَفْ ، سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى) قال له ربه : خذها بيمينك ، ولا تخف منها ، سنعيدها بعد أخذك لها إلى حالتها الأولى التي تعرفها قبل ذلك.
فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى) خطاب من الله تعالى لموسى وحيا ؛ لأنه قال : (فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى). ولا بد للنبي في نفسه من معجزة يعلم بها صحة نبوة نفسه ، فأراه في العصا وفي نفسه ما أراه لذلك.
٢ ـ في جواب موسى في هذه الآية دليل على جواز كون الجواب على السؤال بأكثر مما سئل. جاء في الحديث الذي أخرجه أصحاب السنن الأربعة وابن أبي شيبة عن أبي هريرة : سئل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ماء البحر للتوضؤ به ، فقال : «هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته». وسألته صلىاللهعليهوآلهوسلم امرأة عن الصغير حين رفعته إليه ، فقالت : ألهذا حج؟ قال : «نعم ، ولك أجر» أخرجه مسلم عن ابن عباس.
٣ ـ قوله تعالى : (وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ ..) خطاب من الله تعالى لموسى بلا واسطة ، لا يلزم منه أن يكون موسى أفضل من محمد ؛ لأن الله تعالى خاطب أيضا محمدا عليه الصلاة والسلام ليلة المعراج في قوله : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) [النجم ٥٣ / ١٠] إلا أن الفرق بينهما أن الذي ذكره مع موسى عليهالسلام أفشاه الله إلى الخلق ، والذي ذكره مع محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم كان سرا لم يطلع عليه أحدا من الخلق.