(كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً كَثِيراً) منصوب لأنه صفة لمصدر محذوف ، أي نسبحك تسبيحا كثيرا.
(اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) يقرأ بوصل الهمزة وقطعها ، فالوصل دعاء وطلب وهو كالأمر ، والقطع فعل مضارع مجزوم ؛ لأنه جواب (اجْعَلْ) على تقدير شرط مقدر ، فهو مجزوم بجواب الطلب.
البلاغة :
(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) استعارة ، استعار جناح الطير بجنب الإنسان.
(بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) فيه احتراس : وهو أن يؤتى بشيء يرفع توهم غير المراد ، فلو اقتصر على (بَيْضاءَ) لأوهم أن ذلك من برص أو بهق ، فاحترس بقوله (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ).
المفردات اللغوية :
(وَاضْمُمْ) الضم : الجمع (يَدَكَ) اليمنى بمعنى الكف (إِلى جَناحِكَ) إلى جنبك الأيسر تحت العضد ، علما بأن أصل الجناح للطائر ، ثم أطلق على اليد والعضد والجنب ، وهذا هو المراد هنا (تَخْرُجْ) خلاف ما كانت عليه من الأدمة (بَيْضاءَ) مشعة كشعاع الشمس تعشي البصر (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) من غير عاهة أو قبح كالبرص الذي تنفر الطباع منه (آيَةً أُخْرى) معجزة ثانية غير العصا.
(لِنُرِيَكَ) أي فعلنا ذلك لنريك بها (مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى) هي صفة : (آياتِنَا) أي من آياتنا العظمى الدالة على قدرتنا وعلى رسالتك. وإذا أراد عودها إلى حالتها الأولى ، ضمها إلى جناحه كما تقدم ، ثم أخرجها (اذْهَبْ) رسولا (إِلى فِرْعَوْنَ) ومن معه بهاتين الآيتين وادعه إلى العبادة (إِنَّهُ طَغى) جاوز الحد في كفره ، وعتوه وتجبره ، حتى ادعى الألوهية (اشْرَحْ لِي صَدْرِي) أي وسعه لتحمل أعباء الرسالة والصبر على مشاقها (وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي) سهل لي ما أمرتني به من تبليغ الرسالة (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) أزل تلك العقدة التي في لساني ، حدثت في احتراقه بجمرة وضعها بفيه وهو صغير ، لئلا ينفر مني الناس ويستخفوا بي (يَفْقَهُوا قَوْلِي) يفهموا قولي عند تبليغ الرسالة.
(وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً) معينا ، والأزر : القوة أو الظهر ، يقال : آزره : أي قواه وأعانه (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) أي اجعله شريكا معي في النبوة والرسالة (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً) أي تسبيحا كثيرا (وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً) أي ونذكرك ذكرا كثيرا (إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً) عالما بأحوالنا ، فأنعمت بالرسالة ، ولا نريد بالطاعة إلا رضاك.