على أنفسهما ، عرفهما الله سبحانه أن فرعون لا يصل إليهما ولا قومه. وهذه الآية رد على من قال : إنه لا يخاف ؛ والخوف من الأعداء سنة الله في أنبيائه وأوليائه مع معرفتهم به وثقتهم.
لذا حكى القرآن عن موسى : (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ) [القصص ٢٨ / ٢١] ، وقال : (فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ) [القصص ٢٨ / ١٨] ، وقال حين ألقى السحرة حبالهم وعصيهم : (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ، قُلْنا : لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى) [طه ٢٠ / ٦٧ ـ ٦٨] ، وقال في الآيات المتقدمة في هذه السورة : (خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى).
ومنه حفر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الخندق حول المدينة تحصينا للمسلمين وأموالهم ، مع كونه من التوكل والثقة بربه بمحل لم يبلغه أحد. ثم كان من أصحابه ما لا يجهله أحد من تحولهم عن منازلهم ، مرة إلى الحبشة ، ومرة إلى المدينة ، تخوفا على أنفسهم من مشركي مكة ، وهربا بدينهم أن يفتنوهم عنه بتعذيبهم.
قال العلماء : فالمخبر عن نفسه بخلاف ما طبع الله نفوس بني آدم عليه كاذب ، وقد طبعهم على الهرب مما يضرها ويؤلمها أو يتلفها.
٧ ـ العصمة للأنبياء من الله تعالى وحده ، لذا قال لموسى وهارون : (إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى) أي إنه معهما بالنصر والمعونة والقدرة على فرعون. والسماع والبصر : عبارة عن الإدراك الذي لا تخفى معه خافية.
والآية دليل كما تقدم على العلم الإلهي ، وعلى كونه تعالى سميعا وبصيرا.
٨ ـ كان أول مطلب موسى وهارون من فرعون إطلاق سراح بني إسرائيل من الأسر ، وإنقاذهم من السخرة والتعب في العمل ؛ لأن بني إسرائيل كانوا عند فرعون في عذاب شديد ، يذبح أبناءهم ، ويستخدم نساءهم ، ويكلفهم من العمل في الطين واللبن وبناء المدائن ما لا يطيقونه.