وفي الصحيحين : «إن أهل عليين ليرون من فوقهم ، كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء ، لتفاضل ما بينهم ، قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء؟ قال : بلى ، والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين» وفي السنن : «وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما».
(جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ، وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى) أي تلك الدرجات العلى في جنات إقامة تجري من تحت غرفها الأنهار ، ماكثين فيها أبدا ، وذلك الفوز الذي أحرزوه جزاء من طهر نفسه من دنس الكفر والمعاصي الموجبة للنار ، واتبع المرسلين فيما جاؤوا به من عند الله العلي القدير.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يأتي :
١ ـ الأدب الحسن يفيد في الدنيا والآخرة ، فلما خير السحرة موسى بين أن يلقي أولا أو يلقوهم ، أفادهم ذلك في التوفيق للإيمان. ولما قدمهم موسى في الإلقاء وهم الجمع الكثير ، نصره ربه ، فالتقمت عصاه التي تحولت حية جميع ما ألقوه من الحبال والعصي ، وكان ظهور المعجزة أوقع وأتم وأوضح.
وليس أمر موسى بالإلقاء رضى منه بما هو سحر وكفر ؛ إذ لا يقصد منه ظاهر الأمر ؛ فلا يكون نفس الإلقاء كفرا ومعصية ، وإنما هو وسيلة لما بعده ، ليظهر الفرق بين ذلك الإلقاء وبين معجزة الرسول موسى عليهالسلام ، ولأن الأمر مشروط بتقدير محذوف هو : ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين. ثم إنه قدمهم في الإلقاء على نفسه ، مع أن تقديم إيراد الشبهة على إيراد الحجة غير جائز ؛ ليكون إظهار المعجزة سببا لإزالة الشبهة.